كتبت : زينب عادل
في مشهد سياسي يشي بأن القاهرة قررت الانتقال من خانة المتفرّج إلى موقع «صانع القرار»، خرج وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي من أروقة قمة العشرين في جوهانسبرغ بتصريحات قلبت الطاولة على الأطراف المماطلة في ملف غزة، مؤكدًا أن تنفيذ اتفاق شرم الشيخ ليس خيارًا… بل التزام دولي لن تسمح مصر بالالتفاف حوله.
عبد العاطي، الذي بدا حاسمًا بصورة غير مسبوقة، قالها صريحة:
«المساعدات إلى غزة يجب أن تصل بلا قيود… وإعادة الإعمار تبدأ الآن وليس عندما تسمح الحسابات السياسية».
هذه الكلمات لم تكن مجرد تصريح دبلوماسي عابر… بل كانت أقرب إلى رسالة مُشفرة أطلقتها مصر في وجه الأطراف التي ما زالت تتعامل مع غزة بمنطق «المقايضات» وليس بمنطق الإنسانية.
✦ اجتماع مصري – بريطاني… والرسالة أوضح من أن تُترجم
وفي لقاء مغلق مع مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول، وضع عبد العاطي خريطة طريق واضحة:
التنفيذ الكامل لاتفاق شرم الشيخ، فتح الممرات، تسريع دخول المساعدات، وإطلاق العمل بإعادة الإعمار.
مصادر حضرت المناقشات أكدت أن القاهرة قالتها بلا تردد:
«لم يعد مقبولًا أن تكون غزة رهينة لأي طرف… والأزمة الإنسانية لن تنتظر تفاهمات سياسية لا تأتي.»
✦ لماذا الآن؟ ولماذا بهذه القوة؟
لأن مصر تعلم أن أي انهيار إنساني في غزة سينعكس على المنطقة بأكملها… وعلى سيناء تحديدًا.
ولأن القاهرة باتت تدرك أن الدور الإقليمي يُنتزع ولا يُمنح… وأن صمتها سيُقرأ ضعفًا، أما صوتها فسيُقرأ قيادة.
كما أن مصر تريد تثبيت موقعها كـ الضامن الأساسي لأي اتفاق فلسطيني – إسرائيلي، خاصة أن عدة أطراف بدأت تتحرك لملء الفراغ.
✦ كيف ستتفاعل الأطراف؟
إسرائيل أمام اختبار صعب: فالمماطلة لم تعد تمرّ دون رد فعل دولي، ومصر لوّحت – ضمنيًا – بأنها لن تقبل استمرار الوضع الحالي.
الفصائل الفلسطينية مطالبة بتسهيل تطبيق الاتفاق وعدم جعل المعابر ورقة سياسية.
القوى الدولية أصبحت أمام التزام أخلاقي وسياسي، خاصة بعد التصعيد المستمر في غزة.
✦ ما القادم؟
إذا ترجمت القاهرة كلمات عبد العاطي إلى خطوات عملية على الحدود، سنشهد:
زيادة في حجم المساعدات العابرة.
تحرّكًا دوليًا أوسع لإعادة الإعمار.
ضغطًا أكبر على إسرائيل لكبح التصعيد.
تعزيزًا للدور المصري كلاعب إقليمي لا يمكن تجاوزه.
✦ في الخلاصة…
تصريحات وزير الخارجية لم تكن مجرد «بيان رسمي»… بل كانت إعلان موقف جديد:
مصر تعود إلى الساحة بقوة، ولا تفاهمات على حساب غزة، ولا تراجع في اتفاق شرم الشيخ…
ومَنْ أراد تجاوز القاهرة، فسيجدها في قلب المعادلة، لا على هامشها.


