في أمسية تُسطّر في ذاكرة الفن والحضارة، أبهرت السوبرانو المصرية فاطمة سعيد الحضور في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، حين صدح صوتها في الساحة المهيبة ليُعيد صدى الفخر والانتماء إلى أعماق الوجدان المصري. بصوتها الآسر وأدائها المتقن، جمعت بين الفن الراقي وعظمة التاريخ في لوحة موسيقية جسّدت روح مصر الخالدة.

وُلدت فاطمة سعيد في القاهرة عام 1991، وبدأت رحلتها من دار الأوبرا المصرية، حيث اكتشفت السوبرانو القديرة نيفين علوبة موهبتها الفريدة وقدّمتها إلى عالم الغناء الأوبرالي. ومنذ تلك اللحظة، لم تعرف فاطمة سوى طريق الصعود، فانتقلت إلى جامعة هانس إيسلر للموسيقى في برلين، قبل أن تكتب اسمها بحروف من ذهب كأول مصرية تنضم إلى أكاديمية لا سكالا في ميلانو، أعرق مؤسسات الأوبرا في العالم.

تألّقت على كبرى المسارح الأوروبية، من أوبرا برلين إلى لا سكالا ومهرجانات فيينا وباريس وروما، لتصبح واحدة من أبرز الأصوات العربية التي مزجت بين الشرق والغرب في أداءٍ يحمل هوية مصرية خالصة.

وخلال مسيرتها، نالت فاطمة العديد من الجوائز الدولية، منها جائزة نيلي ميرمان وجائزة فرانشيسكو فينوتشي، تقديرًا لحِرفيّتها العالية وقدرتها على تحويل الأوبرا إلى تجربة إنسانية نابضة بالعاطفة والروح.

وفي ليلة افتتاح المتحف المصري الكبير، كان حضورها أكثر من مجرد أداء فني؛ كان جسرًا بين الماضي والحاضر، إذ قدّمت فقرة غنائية بتوزيع موسيقي يجمع بين الآلات الشرقية والكلاسيكية تحت قيادة المايسترو ناير ناجي، لتصبح رمزًا لتجدد الحضارة المصرية في ثوبها العصري.

بهذا الظهور المبهر، أكدت فاطمة سعيد أن صوتها ليس فقط للغناء، بل هو امتداد لصوت مصر… صوت التاريخ حين يتحدث بلغة الفن.