
كتب/ عبدالنبى النادى
شهدت الدكتورة مايا مرسى وزيرة التضامن الاجتماعى الاحتفالية التى نظمتها مؤسسة روز اليوسف الصحفية بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس مؤسسة روز اليوسف وذلك بحضور لفيف من الوزراء والمهندس عبد الصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة و هبة الله صادق رئيسة مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف والكاتب الصحفى أحمد إمبابى رئيس تحرير مجلة روزاليوسف وكبار الكتاب والإعلاميين والفنانين
وأعربت وزيرة التضامن الاجتماعى عن سعادتها وتشرفها بوقوفها اليوم فى هذه المناسبة التاريخية العظيمة لنحتفل فيها معا بمرور 100 عام على تأسيس مؤسسة روز اليوسف العريقة الاحتفال بمئوية صرح صحفى وفكرى شكل جزءا من ذاكرة الوطن ووجدانه عبر قرن كامل وكان شاهدا وشريكا فى مسيرة مصر الحديثة بكل ما حملته من تحديات وإنجازات
وأكدت الدكتورة مايا مرسى أن ما يزيد سعادتها وفخرها بهذه المؤسسة أنها تأسست على أيد الرائدة فاطمة اليوسف المعروفة باسم روز اليوسف المرأة الاستثنائية التى آمنت بقدرة الكلمة والصحافة على إحداث التغيير فكانت بذلك واحدة من أوائل النساء الرائدات فى صحافة الوطن العربى بل وتعدها المصادر أول سيدة تؤسس دار نشر وصحيفة في العالم العربى ومن حسن الطالع أن تحتفل روز اليوسف بمئويتها وتترأس مجلس إدارتها اليوم سيدة الأستاذة هبة الله صادق فى مشهد بليغ يدل على امتداد إرث روز اليوسف وتمكينها للمرأة جيلا بعد جيل كما لا يمكن أن ننسى الدكتورة فاطمة سيد أحمد رئيسة تحرير جريدة روزاليوسف السابقة
وأوضحت وزيرة التضامن الاجتماعى أنه لم تكن روز اليوسف امرأة عادية فكانت فنانة مسرحية لامعة تركت بصمتها على خشبة المسرح قبل أن تقرر اعتزال الفن والتوجه إلى الصحافة تجلت الروح الوطنية المتأصلة فى فاطمة اليوسف فقد قادت بنفسها مظاهرة حاشدة من فنانات المسرح إبان ثورة 1919 المجيدة تأييدا للزعيم سعد زغلول ثم جلست روز اليوسف مع عدد من أصدقائها المثقفين وأطلقت مشروع إصدار مجلة جديدة تحمل رؤيتها وطموحها ورغم ما اعترى هذه الخطوة من جرأة ومجازفة فى زمن لم يكن تقبل المجتمع فيه سهلاً لقيادة نسائية فى مجال الصحافة أصرت فاطمة اليوسف على المضى فواجهت منذ البداية تحديًا فى كون المجلة تحمل اسم سيدة، لكن تلك السيدة حوّلت التحدي إلى مصدر قوة فأصبحت روز اليوسف علامة فارقة في تاريخ كل من عمل بها وبات من أهم ثوابت المؤسسة الدفاع عن المرأة فى كافة المجالات
وفى يوم الاثنين 26 أكتوبر من عام 1925 خرج إلى النور العدد الأول من مجلة روز اليوسف كمطبوعة فنية وأدبية مصوّرة قبل أن تتحول إلى أحد أدوات مجابهة الاحتلال فأصبحت مجلة سياسية جريئة تخوض معارك صحفية ضارية دفاعا عن حرية الرأى والتعبير حتى أقدمت السلطات على إيقاف بعض أعدادها ومصادرتها ومع ذلك أبت السيدة البطلة المصرية أن تتراجع حتى أصبحت فى عام 1936 أول امرأة شرقية تُسجن لأسباب سياسية
وأشارت وزيرة التضامن الاجتماعى إلى أنه إذا أردنا أن نجمل ما قدمته مؤسسة روز اليوسف في مجالات الوطن وهمومه؛ فإنها كانت خير سند ورفيق؛ فلم تكن «روز اليوسف» يومًا بمعزل عن قضايا الوطن، بل كانت في قلب كل معركة وطنية وفكرية خاضتها مصر خلال المئة عام الماضية، ففي حرب أكتوبر المجيدة عام 1973؛ وقفت روز اليوسف موقف الداعم والمحفز لأبنائنا المقاتلين، سخرت المجلة صفحاتها لبث روح الحماس والوحدة، وأصدرت أعدادًا خاصة خلدت انتصار أكتوبر وسجلت بطولات جيشنا وشعبنا، ولا تزال مقالات ذلك الزمان شاهدة على مدى انخراط الصحافة الوطنية -وفي طليعتها روز اليوسف- في معركة المصير، بالكلمة الصادقة التي لا تقل أثرًا عن البندقية في ميادين الحروب.
وفي معارك الحرية والديمقراطية؛ كانت روز اليوسف حصنًا منيعًا للحق، دافعت بشراسة عن حرية الصحافة والتعبير في كل العهود، ودفعت ثمن ذلك مواقف حرة عديدة، ففي عقد التسعينيات وما بعده، تصدت المجلة للفكر المتطرف والإرهاب الأسود بقوة الكلمة والإبداع، وواجهت تيارات الظلام التي حاولت خطف هوية الوطن، ظلت روز اليوسف ثابتة على موقفها من اللحظة الأولى في مواجهة التطرف والإرهاب، واضطلع صحفيوها الشجعان بكشف زيف الأفكار المتشددة وتعرية دعاة العنف والتعصب.
وعندما مرت مصر بفترة حالكة إبان حكم جماعة الإخوان، لم تنحنِ روز اليوسف لعواصف الترهيب، بل استمرت في انتقادها وكشفها للحقائق بكل حرية، ودفع عددٌ من زملائنا الصحفيين الثمن دفاعًا عن حرية مجلتهم المطلقة في ذلك العهد وجسّدت ذلك قولًا وفعلًا، فكانت منارة للجرأة والصدق في أحلك الأوقات.
كما كانت العدالة الاجتماعية هي الأخرى في صميم رسالة المجلة عبر تاريخها، انحازت «روز اليوسف» للفئات الأولى بالرعاية، ونادت بإنصافهم وتحقيق التنمية المتوازنة، وحين تبنت الدولة مشروع العدالة الاجتماعية والإصلاح الزراعي والتصنيع بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، كانت روز اليوسف منبرًا شعبيًا داعمًا لتلك السياسات، تشرح فلسفتها وتبرز مكاسبها وتنتقد أي تقصير في تنفيذها.
وكل ما تلا ذلك من عقود، ظلت المجلة صوتًا للمواطن البسيط تطالب بإتاحة الفرص المتكافئة للجميع بما يحقق كرامة الإنسان المصري. . وعبر مقالاتها وتقاريرها، رفعت الوعي بقضايا الفقر والتعليم والصحة والإصلاح الاجتماعي، مجسدةً دور الإعلام الوطني كشريك في بناء الدولة ودعم استقرارها.
وفي تمكين المرأة وقضاياها؛ كان تأسيس «روز اليوسف» بحد ذاته فعلاً ثوريًا في ميدان تمكين المرأة ومشاركتها في الحياة العامة، فالسيدة فاطمة اليوسف لم تكن مجرد صحفية موهوبة، بل كانت رمزًا لتحرر المرأة المصرية وقدرتها على القيادة والإبداع في زمن مبكر، منذ اللحظة التي حملت فيها مجلة اسم امرأة وتزعمتها امرأة، باتت «روز اليوسف» منبرًا ينادي بمكانة المرأة ودورها، وعلى مدار المئة عام، لم تقل عزيمة المؤسسة في الدفاع عن حقوق المرأة وقضاياها.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن المجلة وقفت دومًا نصيرًا لقضايا المرأة المصرية والعربية، مناديةًبمشاركتها الكاملة في المجتمع والسياسة والاقتصاد، وعبر مختلف العصور، لم تتردد روز اليوسف في تناول موضوعات تتعلق بتحرير المرأة ومساواتها وتعليمها، وتشجيعها على كسر القيود الاجتماعية الظالمة، وكانت صوتًا للمرأة العاملة والمناضلة والمبدعة، تبرز نجاحاتها وتدعم نضالاتها.
ليس غريبًا إذن أن يصبح الدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها أحد الثوابت الرئيسية للمجلة عبر عقودها فصفحات روز اليوسف طالما احتفت بـ”بنات حواء” الرائدات في شتى المجالات، من سياسات وأديبات وعالمات وفنانات، كما أتاحت المؤسسة نفسها الفرصة لعشرات الصحفيات والكاتبات الموهوبات لخوض غمار العمل الإعلامي وإثبات جدارتهن، ولعل خير دليل على ذلك أن روز اليوسف أنشأت مجلة شقيقة هي «صباح الخير» في الخمسينيات، والتي تولت رئاسة تحريرها الأستاذة أمينة السعيد كواحدة من أوائل رئيسات التحرير في مصر.
وأوضحت الدكتورة مايا مرسي أن المرأة المصرية التي ناضلت روز اليوسف لأجل حضورها وحقوقها منذ عقود، تعيش اليوم في ظل دولة تؤمن بقدراتها، وفي هذا المقام، أشير بفخر إلى أن احتفالنا بمئوية مؤسسة صحفية أسستها امرأة مثقفة وشجاعة يأتي متزامنًا مع ما نعيشه اليوم في مصر من عصر تمكين المرأة بقيادة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لقد كان حلم روز اليوسف أن ترى ابنة مصر تقف كتفًا بكتف إلى جانب أخيها الرجل في خدمة الوطن، وها نحن اليوم نرى الحلم واقعًا معاشًا، وعليه، فإن احتفاءنا بمئوية «روز اليوسف» هو في جانب منه احتفاء بمسيرة المرأة المصرية ونهضتها عبر قرن من الزمن.
وأضافت وزيرة التضامن الاجتماعي أنها تقف تحية تقدير واحترام إلى أعلام صنعت مجد «روز اليوسف»، أمير الصحافة المصرية محمد التابعي، والأخوان مصطفى وعلي أمين قبل أن يسطعا في سماء الصحافة، الأستاذ عباس محمود العقاد، عملاق الأدب والفكر، الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، ابن روز اليوسف البار ونجل مؤسستها، أحمد بهاء الدين، الكاتب والمفكر القومي، الأديب فتحي غانم صاحب الروايات الشهيرة، والكاتب صلاح حافظ الذي عُرف بعمق التحليل السياسي، الإعلامي الكبير عادل حمودة، والإعلامي الراحل وائل الإبراشي، إننا بحق أمام “جامعة صحفية”، وغيرهم الكثير، تخرج منها ما لا يقل عن عشرة أجيال من الصحفيين والمفكرين توارثوا إرثًا عظيمًا من الفكر والإبداع، وتسلم كل جيل أمانة الكلمة من سابقه ليكمل المسيرة. . تحية أيضًا لكل الرعيل الأول المؤسس، ولكل جيل حمل شعلة «روز اليوسف» عبر الزمن وساهم في استمرار تألقها وتحية إلى جيل اليوم من صحفيين وإداريين، الذين يواصلون العمل ليل نهار للحفاظ على هذا الصرح وإبقائه منبرا حرا قويا
وأختتمت وزيرة التضامن الاجتماعي كلمتها قائلة تمر سنواتنا بين مئة عامٍ لمجلة ومؤسسة روز اليوسف و86 عاما هو عمر وزارة التضامن الاجتماعى أعمارٌ شامخة شاهدة على عظمة مصر ودورها وتاريخها وفنها وسياسيها شاهدة على دور مصر عبر التاريخ في كافة المجالات شاهدة على قلاع شاهقة من العمل من أجل الفن والإبداع وكذلك عشرات العقود من الحماية والرعاية الاجتماعية.. كانت روز اليوسف فى شبابها المبكر نموذجا للمرأة المصرية الوطنية التي تندفع بعفوية وصدق لنصرة وطنها قبل أن تعى تماما أنها تخط لنفسها دورا تاريخيًا أعظم عبر الصحافة فتحية تقدير وإجلال إلى روح السيدة العظيمة فاطمة اليوسف نعم رحلت روز اليوسف عن دنيانا قبل نحو سبعة وستين عاما لكنها حية في مسيرة المجلة التي تحمل اسمها وفي كل إنجاز حققته وتحققه هذه المؤسسة




