أولًا، من المهم أن نفهم أن النرجسي لا يؤذي لمجرد الإيذاء، بل لأن هذا الإيذاء يخدم هدفًا أعمق عنده.
هو لا يرى الأذى كغاية نهائية، بل كوسيلة دفاعية لحماية ذاته الزائفة الهشة من الانكشاف أو الانهيار.
كل سلوك مؤذٍ يمارسه النرجسي — سواء بالكذب، أو التجاهل، أو التقليل، أو العقاب — يكون مقصودًا ومدروسًا من حيث الوقت والطريقة والمكان، ليؤدي غرضًا محددًا: حماية صورته المثالية في ذهنه، تلك التي يخشى سقوطها أمامك.
النرجسي يدرك تمامًا أن تصرفاته موجعة، لكنه لا يشعر بالذنب.
في داخله منظومة تبرير تجعل كل إساءة “مبرّرة” في نظره، لأنه يعتقد أن ما يفعله دفاع عن نفسه أو رد على “استفزازك” له.
في عقله، أنت من دفعته إلى هذا السلوك، لذا لا يرى نفسه مخطئًا بل “مضطرًا”.
ولأنه يفتقر إلى التعاطف الحقيقي، فهو لا يشعر بالندم على الألم الذي يسببه، بل فقط على النتائج التي تهدد مصلحته: خسارتك، أو فقدانه السيطرة، أو انكشاف قناعه.
ندمه لا يكون على الجرح الذي أحدثه، بل على فقدان سلطته عليك.
حين يغضب النرجسي، فاعلمي أن تلك اللحظة هي أكثر أوقاته ضعفًا.
غضبه العنيف محاولة مستميتة لإخفاء هشاشته الداخلية، لأنه يشعر أنك تقتربين من كشف حقيقته.
فيثور، ويقلب الطاولة، ويهاجم، ويستخدم كل أسلحته النفسية كي يعيدك إلى موقع “الخضوع” داخل منظومته.
هذا الفهم يحررك من انتظار ندمه أو اعتذاره، ويدلك على الطريق الصحيح: حماية نفسك، لا محاولة إصلاحه.
فكل أفعاله تهدف إلى الحفاظ على صورته الزائفة، لا إلى بناء علاقة حقيقية.
النرجسي يدرك تمامًا ما يفعله، ويعلم جيدًا كم الألم الذي يسببه.
هو ينتقم ممن يخرج عن مخططه، ويتعامل مع الناس كأدوات لتغذية ذاته، يمكنه استبدالهم في أي لحظة.
في عالمه، لا أحد له قيمة حقيقية سواه.

وفي النهاية، تذكّري:
أنتِ لستِ السبب.
هو من يختار الإيذاء، وهو من سيحاسب على ما أفسده من قلوب وأرواح.