كان من تعاليم نبي الله موسي عليه السلام أن ينقطع قومه عن أعمالهم يوماً كل أسبوع فلا ينشغلون إلا لعبادة الله ويعكفون علي حمده وتعداد نعمه وآلائه حتي تطهر قلوبهم بذكر الله وكان يوم الجمعة هذا اليوم الذي أُمروا أن يعبدوا الله فيه ولكنهم رغبوا أن يكون يوم عبادتهم يوم السبت وظل هذا اليوم يتقربون فيه إلي الله ويسبحونه وتوالت الأيام وهم علي هذا ٠

وفي قرية علي شاطئ البحر الأحمر يقال لها أيلةــ كان يسكن قوم من سلالة بني إسرائيل في زمن داود عليه السلام وكان عليهم أن يلتزموا سنة أبائهم وأجدادهم فيسيروا في عبادة الله يوم السبت وكانوا لا يزاولون فيه عمل من أعمال دنياهم من صيد أوصناعة أوتجارة وكان علي ساحل البحر هناك حجران أبيضان، تخرج الحيتان إليهم ليلة السبت ويومه، إذ أمنت أن تُصاد، فهي تأنس في هذا الزمن وتأمن فتتكاثر وتتزاحم والقوم حينئذ لا تمتد أيديهم إلي ترويع هذه الحيتان بصيد لأنهم مشغولون بتسبيح خالقهم، وإذا جائت ليلة الإحد تسربت الحيتان إلي البحر فامبعثت إلي باطنه فيتعزر إلي القوم إصتيادها في أيام حلاً لهم، ولكن تحركت دواعي الطمع َوالجشع في نفوس الفساق من أهل هذه القرية فغفلوا عن تعاليم أنبيائهم ونسوا حظاً مما ذكروا به، وقالوا ما بالنا لو قمنا بحجز هذه الحيتان حتي لا تستطيع الرجوع إلي البحر ونقوم بصيدها في اليوم التالي هو يحل فيه الصيد فنأخذ منه ما نشاء وفعلاً قاموا بفعل هذه الحيلة وأصتادوا كثيراً بلا تعب ولا عناء، فعلم المتقون منهم بما فعلوا فوعظوهم من فعل هذا ولكن ذادهم هذا إستهتاراً وإنسياقاً في ضلالهم فثارة ثائرة المؤمنون وحاصروا القرية بسلاحهم يمنعون هؤلاء من دخولها، لأنهم خارجون عن طاعة الله آثمون فاسقون.

فشق عليهم أن يمتنعوا عن الصيد يوم السبت فقالوا لمؤمنين منهم : إن هذه القرية لنا ولكم إنها وطننا ومحط رزقنا ولا إحد يلزمنا بتركها حتي يعيش كلا منا علي ما يريد وإن صممتم علي رأيكم فلنتقاسم القرية بيننا وبينكم ارتضي المؤمنون إن يتقاسموهم القرية وإن يقيموا سداً بينهم أنفردت كل طائفة وإنشغل ا الفساق بلهوهم وحفروا نهيرات تصل إلي البحر بقريتهم، فإذا كان يوم السبت سارت الحيتان إلي إبواب بيوتهم فإذا غربت الشمس. همت الحيتان بالرجوع حجزوها بسدود أقاموها تعترض بحري النهيرات، فلا تمتلك الحينان أن تتسرب إلي البحر٠ ولكن المؤمنين لم يغفلَا عن زجرهم وتخويفهم عذاب الله فلا ينصاعوا للنصيحةفعتوا (قالت إمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهَم إو معذبهم عذاباً شديداً) واستمروا علي غيهم وعنادهم وعصيانهم ضاق بهم داود فاتجه إلي ربه يستنصر به، ويطلب اللعنه لهم ٠

فأجاب الله سؤله وحقق أمله فزُلزلت قريتهم زلزالا عظيماً، ففزع المؤمنون من ذلك وخرجوا من بيوتهم، (فلما نسوا ما ذكروا به أنجيناً الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون)

اللهم نعوذ بك من غضبك وعذابك