
بقلم: د. إيمان ماهر – باحث إعلامي
مع بداية سبتمبر، بتفوح ريحة الورق الجديد، وبتلمع الألوان في شنط الأطفال، وبيبدأ صخب العودة إلى المدارس. الأصوات في البيوت بتختلط: طفل متحمس يفرّج على أدواته، وأم بتحاول تهدّي القلق وتجهّز جدول البيت من جديد. موسم العودة للمدرسة دايمًا فيه حكايات صغيرة، منها اللي بيتنسى، ومنها اللي بيتحوّل إلى ذكريات راسخة.
المرأة المصرية، سواء أم أو أخت أو حتى معلمة، هي دايمًا البطل الخفي في قصة العودة للمدارس. هي اللي بتجهّز، وبتخطط، وبتشيل العبء المالي والنفسي. وفي وسط كل ده، بتلاقي نفسها محتاجة مساحة خاصة تضحك أو تبوح فيها. وهنا بييجي فن الكوميكس كرفيق خفيف الظل. رسمة بسيطة على كراسة أو ورقة، ممكن تحكي يوم طويل من غير ولا كلمة: حقيبة تقيلة، طفل نعسان، أو كوب شاي نسيته على البوتاجاز.
الكوميكس مش بس وسيلة للضحك، لكنه كمان طريقة للتداوي والتعبير. أحيانًا الأم ترسم كاريكاتير بسيط عن نفسها وهي بتجري بين الدروس والمشاوير، وتضحك لما تشوف إن التعب ده مش حِكر عليها. الفن هنا بيحوّل الضغط إلى مساحة مشاركة، ويخلّي حتى أصعب اللحظات أخف.
ومش بس الكوميكس اللي في الكراسات… لكن كمان اللي بيتنشر على فيسبوك وإنستغرام وبيوصل بسرعة لكل أم. الحقيقة إن كوميكس السوشيال ميديا بقى وسيلة بتخفّف التوتر وتحوّل عودة المدارس لشيء مضحك وخفيف. ستات كتير بيبتدوا يعملوا شير للكوميكس، يضحكوا عليه مع أصحابهم، ويتبدّل الإحساس من قلق وضغط لإحساس خفيف ولطيف. الكوميكس هنا بيخلّي موسم المدارس يُستقبل بابتسامة، بدل ما يكون موسم توتر.
إحنا كمان كنا أطفال يومًا ما، بن doodle في هوامش الكراسات رسومات صغيرة، نهرب بيها من الحصة أو من الملل. النهاردة، وإحنا راجعين مع أولادنا لنفس الأجواء، الكوميكس بيرجع يذكّرنا إن الهامش أحيانًا أهم من المتن، وإن الرسمة البسيطة ممكن تخلّد ذكرى أكتر من درجات الامتحان.
التربية مش لازم تبقى أوامر ونصائح، ساعات رسمة كوميكس صغيرة بتوصل المعنى أسرع. الأم تقدر تعلّم طفلها إزاي يفرّغ قلقه أو يعبّر عن نفسه من خلال الرسم. والعودة للمدرسة ممكن تكون فرصة لبناء حوار مرسوم بين الأجيال.
واللطيف إن الكوميكس اللي كانت زمان بتتخبى في هوامش الكراسات المدرسية، بقت دلوقتي تتصوّر وتتشارك على فيسبوك وإنستغرام. الأمهات والطلاب بيضحكوا سوا من نفس الرسمة، وبيتأكدوا إن الضغوط مشتركة والتجارب متشابهة. وبكده يفضل الكوميكس جسر صغير يربط بين جيل الأم وجيل الأبناء، سواء في كراسة.
