بقلم : رانيا ادريس

نحو مجتمع دامج: دعم ذوي الهمم ركيزة أساسية للتقدم
شريحة لا تتجزأ من نسيج مجتمعاتنا، يمتلكون طاقات وإمكانيات هائلة، ألا وهم الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة، أو كما نطلق عليهم بفخر، ذوو الهمم. إن دمج هذه الفئة وتمكينها ليس مجرد واجب إنساني، بل هو استثمار حقيقي في مستقبل أي أمة تسعى للنهضة والتقدم.
لقد خطت العديد من الدول خطوات واسعة في سبيل دعم هذه الفئة المهمة، إيمانًا منها بحقهم الأصيل في حياة كريمة ومشاركة فاعلة. وتقدم الدول حزمة من الخدمات والمبادرات التي تهدف إلى تحقيق هذا الدمج الشامل. على الصعيد التشريعي، تسعى الحكومات إلى سن قوانين تضمن حقوق ذوي الهمم في مجالات متعددة مثل التعليم، والصحة، والتوظيف، وتهيئة البيئة العمرانية. فتوفر الدول عادةً التعليم الدامج في المدارس والجامعات، وتخصص مقاعد دراسية، وتوفر التسهيلات اللازمة لضمان حصولهم على فرص تعليمية متساوية.
وفي مجال الرعاية الصحية، تقدم الدول خدمات طبية متخصصة وبرامج تأهيل وعلاج طبيعي، بالإضافة إلى توفير الأجهزة التعويضية والمساعدات السمعية والبصرية. كما تسعى إلى تمكينهم اقتصاديًا من خلال برامج التدريب المهني، وتوفير فرص عمل مناسبة، وتشجيع المشروعات الصغيرة التي يديرونها. ولا يغفل دور الدول في تهيئة البيئة المحيطة، من خلال توفير المنحدرات والمصاعد في الأماكن العامة، وتسهيل حركة المرور، وتصميم المباني لتكون صديقة لذوي الاحتياجات الخاصة.
لكن دور الدولة، وإن كان محوريًا، لا يكتمل إلا بتكاتف جهود المجتمع بأكمله. فكيف يمكننا كأفراد ومؤسسات أن نكون جزءًا فاعلًا في هذا الدعم؟
أولًا، تكمن البداية في تغيير النظرة المجتمعية من الشفقة إلى الاحترام والتقدير لقدراتهم. يجب أن نؤمن بأن الإعاقة ليست عائقًا أمام الإبداع والإنتاج. ثانيًا، يمكننا نشر الوعي حول حقوقهم واحتياجاتهم، والتعريف بالإنجازات التي يحققونها، وهذا يساهم في بناء ثقافة مجتمعية أكثر تفهمًا وتقبلًا. ثالثًا، يمكن للأفراد التطوع في المؤسسات والجمعيات التي تُعنى بذوي الهمم، والمساهمة في الأنشطة والبرامج التي تُنظم لهم. رابعًا، على صعيد الأسر، يجب دعم الأسر التي لديها أفراد من ذوي الهمم، وتقديم المشورة والتوجيه لهم، ومساعدتهم في التغلب على التحديات التي قد تواجههم. وأخيرًا، يجب أن ندعم سياسات الدمج في جميع مناحي الحياة، من التعليم إلى العمل، وأن نطالب ببيئة أكثر شمولية وتكافؤًا في الفرص.
إن دعم ذوي الهمم ليس مجرد مسؤولية، بل هو استثمار في مجتمع أكثر عدلًا وإنسانية، ومجتمع يدرك أن قوة الأمم تكمن في قدرتها على احتضان جميع أبنائها وتمكينهم من تحقيق أقصى إمكاناتهم. فهل نحن مستعدون لتلك الشراكة المجتمعية الشاملة.,