الآن وانا اكتب المقال الدوري لي كرئيس التحرير لم اجد امامي حدثاً ابرز من انتخابات مجلس النواب وما يحدث فيها، ولكني أقف حائراً بين أن أتكلم في العموم وما يعرفه الناس..
أو أن أفضح المسكوت عنه وأكشف المستور واذكر للناس ما لا يعرفوه، ولم ولن يعرفوه الا من خلال كتابات جريئه ومقالات أجرأ تفشي السر، وتكشف المستور وتفضح الكواليس وتعري ما وراء الستار !!

الساحة الانتخابية في محافظة بورسعيد شهدت خلال جولات انتخابات مجلس النواب أخيراً ملامحَ تتجاوز مجرد تنافسٍ محلي تقليدي:
منها تفوّق واضح لقوائم مؤيِّدة للسلطة، ونسب مشاركة متدنية تفتح باب التساؤلات عن تمثيل حقيقي للمواطنين.
هذه المستجدات ليست تفاصيل ثانوية — بل بذورها قد تُعيد تشكيل خارطة التمثيل في المحافظة وتلقي بظلالها على شرعية بعض النتائج – للأسف !!

في تطور لافت، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات – بعد تصريحات وطلب الرئيس عبدالفتاح السيسي الأخيرة، أعلنت إلغاء نتائج الجولة الأولى في عدد من الدوائر في المحافظات بعد ورود طعون وتوثيق «مخالفات» شملت حملات انتخابية قرب اللجان، وعدم تسليم نسخ محاضر الفرز لأطراف النزاع، وفروقات في أعداد الأصوات بين لجان فرعية مختلفة — وهو قرار قد يفضي إلى إعادة الانتخابات في تلك الدوائر.

نعود للمشهد المحلي في بورسعيد، استمرت أحزاب ذات وزن سياسي في تنظيم فعاليات ودعم مرشحين: حزب «حماة الوطن» على سبيل المثال نظم لقاء جماهيرياً لدعم مرشحه بالمحافظة، وحزب «مستقبل وطن» في حين تواصلت استعدادات المحافظة لليوم الانتخابي عبر غرفة عمليات وتفقدات ميدانية من المحافظة والجهات التنفيذية لتعزيز انتظام اللجان حال البدء في عملية التصويت .
هذه التحركات تظهر جهدين متقابلين:
«تهيئة» المشهد التنظيمي وإبراز دعم شعبي، مقابل مخاوف من أن تكون بعض العمليات الحزبية أقوى تأثيراً عملياً من المنافسة الحقيقية بين مرشحين مستقلين.

الرقم الذي لا يُستهان به ويُعد من أهم أسباب الجدل هو تراجع إقبال المواطن على المشاركة في الانتخابات !!

فالمشاركة العامة سجلت نسباً منخفضة مقارنة بتوقعات مؤسسات الدولة التي تأمل بل وتطلب مشاركة أوسع، بينما نجحت قوائم منسقة لصالح تيارات مؤيدة للحكومة مثل القائمة الوطنية في تجاوز عتبات قانونية معينة وحجز مقاعد دون معركة حقيقية في بعض الدوائر.

بينما تعلن الحملات الانتخابية لانتخابات مجلس النواب في محافظة بورسعيد عن أجواء المنافسة الديمقراطية، تبرز خلف الكواليس مجموعة من الحقائق التي لا تسلط عليها الأضواء بالقدر الكافي. ما يجري هو أكثر من مجرد سباق انتخابي؛ إنه مؤشر على تحولات أعمق في المشهد السياسي المحلي، وردود فعل مجتمعية تتجاوز الزخم الإعلامي المعلن.

كانت الهيئة الوطنية للانتخابات قد أعلنت إلغاء نتائج الجولة الأولى في عدد كبير من الدوائر الانتخابية (19 دائرة من إجمالي 70 دائرة فردية) بسبب “انتهاكات” موثَّقة داخل لجان فرعية حسب بيان الهيئة.
هذه الإلغاءات قد تشمل دوائر استراتيجية، وربما تشمل أجزاء من بورسعيد، ما قد يغير موازين القوة بينها.

رئيس الهيئة أشار إلى أن «أي تجاوز حتى لو وقع في لجنة فرعية» يمكن أن يفضي إلى إبطال نتيجة الدائرة بأكملها.
هذا الموقف يوضح أن الهيئة الوطنية للانتخابات تخطِّط نهجًا صارمًا في التعامل مع الشكاوى، إلا أن هذا بدوره يخلق احتمالًا حقيقيًا لإعادة الانتخابات في بعض الدوائر، خاصة إذا تبيَّن أن المخالفات واسعة النطاق.

وحتى الآن، تم تسجيل 88 تظلمًا رسميًا لدى الهيئة الوطنية للانتخابات.
رغم ذلك، فإن بعض المرشحين الذين تم استبعادهم في محافظات يواصلون طريقهم القضائي وهو المحكمة الإدارية العليا والتي أجلت نظر بعض طعونهم.
هذا التأخير في البت القضائي يثير تساؤلات حول مدى شفافية آليات قبول أو رفض الطعون، خصوصًا أن بعض هذه الطعون قد تكون مرتبطة بوجود مرشحين لديهم تأييد رسمي أو تنظيمي قوي في دوائر مثل بورسعيد.

ووفقًا لتصريحات من داخل الهيئة الوطنية للانتخابات، فإن النظر في الطعون لن يعرقل انطلاق المرحلة الثانية من انتخابات البرلمان، ولن يتم تأجيلها بسبب هذه القضايا.
لكن في الوقت نفسه، إذا قبلت بعض الطعون، فإن ذلك قد يؤدي إلى إعادة انتخابات في دوائر معينة، وفق ما أكده مسؤولون من الهيئة.
هذه الحالة تخلق سيناريو مُربكًا وهو ان هناك جزء من الدوائر قد يخضع لإعادة، بينما تنطلق المرحلة الثانية في دوائر أخرى دون تغيير، ما قد يولد تفاوتًا في التمثيل الزمني وربما سياسيًا.

وبالطبع تابعنا جميعاً دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى «تدقيق كامل» في الطعون لضمان نزاهة النتائج، والحفاظ على إرادة الناخبين دون تلاعب أو تأثير غير قانوني.
في الوقت الذي نجد فيه الهيئة الوطنية تؤكد أنها تأخذ كل الشكاوى على محمل الجد، وأنها لا تتساهل مع أي تجاوزات، حتى لو في لجان فرعية.
هذه التصريحات قد تُقرأ على أنها رسالة تطمين للمواطنين بأن العملية الانتخابية ليست مجرد شكل، بل هناك رغبة – على الأقل من الناحية الرسمية – في حماية نزاهتها.

ومن اللافت أن كثيرًا من وسائل الإعلام تركز على المرشحين البارزين أو على النتائج الكبرى، لكن التقارير المفصلة عن الطعون على مستوى دوائر مثل بورسعيد تكاد تكون محدودة أو غائبة، ولا يعرفها الناخب.
والسكوت الإعلامي النسبي عن تفاصيل الطعون في دوائر مثل بورسعيد قد يخفي أن بعض المقاعد البرلمانية ليست مستقرة بعد،وهناك احتمال حقيقي لإعادة انتخابات في دوائر متضررة، ما يعني أن من يُعلن فائزًا اليوم قد يخوض معركة ثانية !!

إذن، ما «المسكوت عنه» حقاً في بورسعيد؟
او ما يمكن أن يتوقَّعه ناخبو بورسعيد الآن وهو : إجراءات طعون قد تطول..
إمكانية إعادة انتخابات في دوائر معينة بعد إلغاء نتائجها..
ومرحلة ثانية من الحملة الرسمية للدولة قد تشهد تكثيفاً للحملات المحلية داخل بورسعيد ، وربما أيضاً حضور أوسع للمراقبة المدنية إن توافرت سبل تنظيمها،في ظل دعوات رسمية إلى «التدقيق والشفافية» من إدارة الدولة المصرية، وتبقى مسؤولية الإعلام المحلي والجهات القضائية والهيئة الوطنية للانتخابات للمراقبة وما إذا كانت الإجراءات ستترجم فعلاً إلى إجراءات تصحيحية عادلة أم أنها ستبقى حبيسة العناوين !!

و”المسكوت عنه” أيضاً في انتخابات مجلس النواب ببورسعيد ليس مجرد فراغ في عدد المرشحين، بل قصة أعمق عن ضعف الزخم الشعبي، وإحجام المواطن العادي او ما يسمى بحزب الكنبة عن النزول الى الانتخابات، ويبقى سؤال كبير حول دور البرلمان في المحليات ؟؟
إذا لم تُترجَم المنافسة الحقيقية إلى تمثيل نشط وفعلي، فقد تتحول هذه الانتخابات إلى مجرد طقس انتخابي وحالة من المؤتمرات والهتافات شهدتها المحافظات دون أثر طويل الأمد، او تأثير تشريعي وتمثيل نيابي حقيقي.

بورسعيد اذن ، على خلاف ما قد يبدو من بعض التغطية السطحية، ليست محمية من الديناميكيات السياسية والقانونية المعقدة التي تصاحب الانتخابات البرلمانية. المنافسة الصغيرة، القوائم المؤثرة، احتمال الطعون والإعادة — كلها مؤشرات على أن التمثيل البرلماني للبورسعيد قد لا يكون واضحًا كما يتصور البعض.

إذا أردنا برلمانًا يعكس إرادة حقيقية للمواطنين، يجب أن يكون الاهتمام ليس فقط بمن يفوز الآن، بل بمن يمكنه أن يفوز إذا “تم إعادة اللعبة” قانونيًا، ومن هم أولئك القادرون على الحفاظ على صوت الناخب الحقيقي في مواجهة المال السياسي والضغوط التنظيمية والحزبية والقوائم.

خلاصة: ما يجري في بورسعيد ليس مجرد تبادل مقاعد أو أسماء — إنه اختبار لآليات النزاهة والتمثيل في لحظة انتخابية حساسة، وعلى المواطنين والمراقبين المحليين والصحفيين والاعلاميين ألا يكتفوا بمتابعة الفائزين، بل أن يضغطوا لمزيد من الشفافية حول أسباب الإلغاء وآليات العدّ والفرز.

المواطن البورسعيدي، إن لم يكن واعيًا لهذه التفاصيل، قد يظن أن كل شيء محسوم بالفعل، لكنه في الحقيقة يشهد لحظة انتخابية معقدة جدًا.