كتب: محمد فتحي

رياضة كمال الأجسام لم تعد مجرد هواية شبابية في مصر، بل تحولت إلى نمط حياة يعيشه الآلاف، وطريق للنجاح سلكه كثيرون من أبناء الطبقات المتوسطة والشعبية ليحققوا لأنفسهم شهرة ومكانة محلية وعالمية. لكن رغم الإنجازات والاهتمام الشعبي الواسع، تظل هناك تحديات تواجه هذه الرياضة من حيث الدعم المؤسسي، والاحتراف، والوعي الصحي، وهو ما نرصده في هذا التقرير.


🏋‍♂ انتشار واسع في المحافظات.. رغم قلة الإمكانيات

تشهد صالات الجيم في مختلف محافظات مصر ازدحامًا يوميًا، خصوصًا في المناطق الشعبية، حيث ينظر كثير من الشباب إلى كمال الأجسام كوسيلة للهروب من الواقع، أو لتحسين المظهر، أو حتى لدخول عالم الشهرة والسوشيال ميديا.

لكن رغم الانتشار، تعاني معظم هذه الصالات من نقص في المعدات الحديثة، وعدم وجود مدربين مؤهلين بشكل أكاديمي، مما يؤدي أحيانًا إلى ممارسات خاطئة قد تضر بصحة اللاعبين على المدى البعيد.


🥇 أبطال عالميون.. لكن بلا دعم كافٍ

قد لا يعرف البعض أن مصر تُعد واحدة من الدول الرائدة عربيًا وأفريقيًا في كمال الأجسام، وخرج منها أبطال عالميون مثل “بيج رامي” الذي فاز بلقب مستر أولمبيا مرتين، بجانب عشرات الأبطال في بطولات العالم للهواة والمحترفين.

ورغم هذه الإنجازات، يشتكي العديد من اللاعبين من ضعف الدعم المادي والمعنوي من المؤسسات الرياضية، وغياب نظام احتراف حقيقي يساعدهم على التفرغ والتطور، مما يدفع بعضهم للسفر أو الاعتزال المبكر.


💊 المكملات والهرمونات.. بين الحاجة والإفراط

أصبح استخدام المكملات الغذائية أمرًا شائعًا في أوساط لاعبي كمال الأجسام في مصر، لكن الخطورة تكمن في الاستخدام العشوائي لبعض المواد الضارة مثل الهرمونات والمنشطات، خاصة في غياب الرقابة والتوعية.

تُباع الكثير من هذه المنتجات في السوق السوداء أو عبر الإنترنت دون إشراف طبي، ما يفتح الباب أمام مشكلات صحية جسيمة، أبرزها الفشل الكلوي والاضطرابات الهرمونية.


💰 الكلفة العالية VS الدخل المحدود

كمال الأجسام تُعد من أكثر الرياضات تكلفة في مصر؛ سواء من حيث الاشتراكات في الجيم، أو أسعار المكملات، أو الالتزام بنظام غذائي صارم. وهذا يجعلها صعبة المنال أمام كثير من الشباب، خصوصًا في ظل الوضع الاقتصادي الحالي وارتفاع الأسعار.

يصل متوسط تكلفة المكملات فقط في الشهر من 3000 إلى 8000 جنيه، بجانب تكاليف الطعام الخاص مثل البروتينات والدهون الصحية، مما يجعل بعض اللاعبين يلجؤون لحلول بديلة أو تقليد أبطال الإنترنت دون وعي.


🎥 السوشيال ميديا.. فرصة ومشكلة في نفس الوقت

أصبح نجوم كمال الأجسام في مصر مؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، يقدمون محتوى تدريبي وتغذوي، ويمثلون قدوة للكثير من المتابعين. لكن في الوقت نفسه، انتشر المحتوى المضلل من بعض الأشخاص غير المؤهلين، مما تسبب في مفاهيم مغلوطة وخطورة على المبتدئين.


🏛 هل تحتاج اللعبة لإعادة تنظيم؟

رغم الجهود المبذولة من الاتحاد المصري لكمال الأجسام، يرى كثير من المهتمين أن اللعبة بحاجة إلى إعادة تنظيم على مستويات متعددة، تشمل:

توفير دعم حكومي أكبر للأبطال.

إطلاق حملات توعية حول مخاطر المنشطات.

إنشاء مراكز تأهيل وتدريب معترف بها دوليًا.

ضم اللعبة بشكل أوسع في الأندية الكبرى والمدارس.

في الختام..

كمال الأجسام في مصر تمثل ظاهرة متكاملة، تدمج ما بين الطموح الشعبي، والاحتراف الرياضي، والتأثير الاجتماعي، لكنها في أمسّ الحاجة لمنظومة مدروسة تضمن سلامة اللاعبين، وتكافئ المجتهدين، وترفع اسم مصر أكثر في المحافل الدولية.