
بقلم: فائقة عبد النعيم
كان فتي يقال له (أوريا بن حنان) تاقت نفسه أن يكن له زوجة يسكن إليها وتصادف هواه وبعد وقت وجد أوريا ماكان يبحث عنه في شريكة حياته من جمال رائع جذاب يؤسر الفؤاد ويملك المشاعر وتحقق حلمه الجميل وألقي مرساته علي هذه التي بحث عنها وهي (سائغ بنت شائع) من قومه وذهب وخطبها ووثق رباطه مع أهلها وهنا هدأت نفسه وارتاح عقله وأصبح قرير العين بارد الفؤاد وأخذ (أوريا) أن يمهد للحياة الهنيئة فسار يستعجل الزمن ويتلهف لهذا اليوم وأن يجمع الله شملهم بعد الزواج: ولقد كان ( أوويا شاباً، وعلي الشباب جزية يؤديها قرباناً لوجه الوطن ٠ فعليه أن يتهيأ وأن يخلع عن نفسه رداء السلم ويدفع بها وسط الجيش الزاخر الذي أعده نبي الله داود جهاداً في سبيل الله٠وكان يحلم بالعودة القريبة ولكن اتسعت الغزوات وليس له إلا أن يصبر وطال الغياب وكاد أن يكون منقطعاً إذ لم يسفر له صباح وفي هذه الغيبة تعلقت أنظار داود بهذه الفتاة الرائعة (سائغ بنت شائع) فما تردد أن يذهب إلي أهلها ويطلب منهم القربي والمودة ومن هم هؤلاد حتي يردوا يد نبي الله الكريم ٠ فكان له كل الشرف ولأن طالت غيبة (أوريا) وتزوج نبي الله داود من الفتاة وعاشت معه عيشة كلها خير وسعادة ولكن هذه السعادة لا تغنيها ولا تنسيها (أوريا) ولكن لا حيلة لها فالإمر لله من قبل ومن بعد ٠وبعد فترة جاء لنبي الله داود رجلان لهما كل َما للرجال من خلقة وصفات، إلا أنهما يختلفان عن رجال بني إسرائيل قوم داود وخرقا سياج العرف من أنظمة الملك النبي داود فتقدما إلي الجند طالبين أن يدخُلا علي داود وذلك في غير وقت القضاء ومقابلة الناس ولم ينجح الحراس أن يمنعوهم من الدخول إلي الملك ولم يدركوا هذه القدرة الخارقة المعجزة فليس هذان إلا ملكين في صَورة الناس وهما سيصلان حتماً إلي داود وسيكون لهما شأن لديه مشهود وسيكون من أمرهما عبرة ناجحة لنبي الله داود٠ تسورالملكان المحراب، ودخلا علي داود٠ففزع فقالا( لا تخف خصمان بغي بعضنا علي بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط وهدنا إلي سواء الصراط) ٠فوجد داود نفسه أمام أمر واقع فتهيأ لهما، واستعد للحكم بينهما واستمع لجدالهما، فإذا إحدهم يقول : إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، ولي نعجة َواحدة، ولكن إخي امتدت به أطماعه، فلم يقهر نفسه، ولم يغالب هواه، بل قال: أعطنيها فلما ناقشته غلبني نقاشه وأفحمني حجاجه وجداله، لأنه أفصح مني لساناً، وإقوي حجة وبياناً : تلفت داود إلي الرحل الأخر، فستوضحه الأمر وسأله رأيه فيما يقول خصمه، : فقال لي تسع وتسعون نعجة وله نعجة واحدة فأردت آخذها منه حتي تكمل نعاجي مائة فقال داود أو أخوك يكره ذلك؟ قال نعم فستشاط داود غيظاً و رماه شذراً وقال : إذاً فإنا لا ندعك، وإن رمُت ذلك ضرباً منك أنفك وجبهتك ٠ فقال الرجل : ياداود، أنت إحق مني بهذا كان لك تسع وتسعون أمرأة ولم يكن( لإَوريا) غير واحدة! ومع ذلك أمتدت رغبتك إليها وحرمته إياها، ثم صارت لك زوجة ولم ترع لعده حقاً ولا حرمة تلفت داود بعد هذا القول الحكيم المنبعث عن نفس خبيرة بصيرة فلم يجد أحداً حوله ففطن إلي حقية الحال ٠ فاستغفر ربه َوخر راكعاً،، وجاهد نفسة راغباً إلي الله تعالي في العفو والصفح والغفران ٠فتاب عليه وغغر له زلته وأبقي له مزلة الأنبياء المكرمين٠
أكرمنا الله وإياكم باتباع الحق والعدل