في واحدة من أكثر الصفقات حساسية في الشرق الأوسط، تقف اتفاقية الغاز بين مصر وإسرائيل – التي تمتد حتى عام 2040 بقيمة تتجاوز 35 مليار دولار – أمام اختبار حقيقي للبقاء، بعدما تحولت من مشروع طاقة اقتصادي إلى ورقة مساومة سياسية تستخدمها الحكومات الإسرائيلية لتحقيق مكاسب داخلية.

فبينما تنتظر القاهرة التزامًا واضحًا بتوريد 130 مليار متر مكعب من الغاز، تصطدم بواقع جديد: تل أبيب تُبطئ، تُماطل، وتناور… وكأنها تُرسل رسالة مفادها أن الاقتصاد يمكن التضحية به في سبيل السياسة.


✦ إسرائيل تلعب بورقة الغاز… ومصر تراقب بحذر

مصادر مصرية متابعة للملف تؤكد أن ما يجري لم يعد مسألة «عطل فني» أو «ظرف طارئ»، بل أصبح ضغطًا سياسيًا مُمنهجًا ترتكبه الحكومات الإسرائيلية في لحظة داخلية مرتبكة، حيث تُستخدم صفقات الطاقة لتعزيز صورة سياسية أو لامتصاص غضب داخلي.

الأمر الذي يفتح الباب أمام سؤال خطير:
هل يمكن لصفقة بهذا الحجم أن تصبح رهينة مزاج سياسي في تل أبيب؟


✦ لماذا يجب أن نهتم؟

لأن هذه الصفقة ليست مجرد تبادل تجاري.
إنها ركيزة من ركائز الأمن الطاقي المصري وواحدة من أهم مصادر الغاز التي تعتمد عليها القاهرة في:

التشغيل الصناعي

التصدير عبر محطات الإسالة

ودعم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الإقليمية والدولية

أي تعطيل أو تذبذب لا يهدد الاتفاق فقط… بل يؤثر على خريطة الطاقة في مصر كاملة.


✦ سيناريوهات الرد المصري… بين إعادة التفاوض والتصعيد القانوني

القاهرة – بحسب مصادر اقتصادية – لن تبقى صامتة طويلًا، وهناك 3 مسارات مطروحة:

  1. إعادة التفاوض على الجدول الزمني للتوريد أو على بنود الضمانات.
  2. المطالبة بتعويضات في حال استمرار المماطلة أو الإخلال بالاتفاق.
  3. التوجه نحو بدائل إقليمية لضمان استقرار الإمدادات بعيدًا عن الضغوط السياسية الإسرائيلية.

فمصر تدرك جيدًا أن أمن الطاقة ليس مساحة يُسمح لأحد بالتلاعب بها.


✦ تأثيرات على صورة الاستثمار في المنطقة

استمرار التذبذب الإسرائيلي سيرسل رسالة سيئة للأسواق العالمية:

هل يمكن الوثوق بالتزامات تل أبيب على المدى الطويل؟

هل ستعيد الشركات العالمية النظر في مشروعات الطاقة المشتركة؟

هل ستستغل دول المنطقة هذا الارتباك لصالحها؟

وهو ما قد يعيد رسم خريطة الطاقة شرق المتوسط من جديد.


✦ في الخلاصة… صفقة على الحافة

صفقة الغاز المصرية – الإسرائيلية تحولت من ملف اقتصادي هادئ إلى معركة باردة فوق طاولة السياسة.
القاهرة تتابع…
وتدرس خياراتها…
وتستعد لاتخاذ قرار قد يعيد ترتيب أوراق اللعبة كاملة.

الغاز ليس سلعة فقط… بل ورقة سيادة.
ومصر لن تسمح بتحويل أمنها الطاقي إلى مادة في بازار السياسة الإسرائيلية.