في ليلةٍ عربيةٍ مشحونةٍ بالندية، تسلّل بريق الكرة من بين أقدام اللاعبين ليصنع حكاية جديدة تُضاف إلى تاريخ كأس العرب.

هناك، على عشب خليفة الدولي، كانت الروح قبل القدم، وكانت الإرادة قبل الخطط، وكان صوت الجماهير يعلو فوق كل شيء… فالأحلام الكبيرة لا تحتاج إلا إلى هدف واحد يصنع الفارق، ويكتب اسم المنتصر في دفتر المجد.

على استاد خليفة الدولي بالعاصمة القطرية الدوحة، وبين حضور بلغ 39,167 متفرجًا، خطف المنتخب المغربي بطاقة التأهل إلى الدور نصف النهائي من بطولة كأس العرب، بعد انتصار مهم على المنتخب السوري بهدف دون رد، في مواجهة اتسمت بالقوة والتكتيك والندية من الطرفين.

سيطرة مغربية وبراعة سورية
بدأ المنتخب المغربي اللقاء بضغط عالٍ وسيطرة واضحة على مجريات اللعب، وتمكن من صناعة عدة فرص خطيرة، إلا أن تألق الحارس السوري إلياس هدايا حال دون زيارة الشباك. وفي المقابل حاول المنتخب السوري استغلال الهجمات المرتدة، لكن دفاع المغرب ظل متماسكًا ومنظمًا.

وشهد الشوط الأول لحظة جدلية عندما تدخلت تقنية الفيديو في الدقيقة 27 لبحث ركلة جزاء لصالح سوريا، لكن الحكم التشيلي كريستيان غاراي قرر بعد المراجعة أن الاحتكاك كان عاديًا، ليبقى التعادل السلبي سيد الموقف.

شوط ثانٍ عنوانه الإصرار
دخل المنتخب المغربي الشوط الثاني بعزيمة أكبر، وكثّف من ضغطه الهجومي، فيما اعتمد المنتخب السوري على التماسك الدفاعي ومحاولة خطف هدف عبر الهجمات المرتدة. وكانت إحدى أخطر الهجمات المغربية في الدقيقة 70، حين سدد أسامة طنان كرة قوية أبعدها الحارس السوري ببراعة إلى ركنية.

وأخطأ المدرب السوري خوسيه لانا في تأخير إشراك عمر خريبين، الذي لم يدخل إلا بعد تقدم المغرب، مما أفقد المنتخب السوري ثقله الهجومي في لحظات كانت تحتاج لمن يغيّر مجرى اللعب.

هدف الحسم… وأزارو يوقع على الفارق
وفي الدقيقة 79، جاءت لحظة الحقيقة. كرة عرضية قوية داخل المنطقة ارتدت من الحارس هدايا، لتجد المهاجم وليد أزارو حاضرًا في المكان المثالي، فسدد بيسراه كرة لا تُصد ولا تُرد، معلنًا الهدف الذي حمل المغرب إلى نصف النهائي.

أزارو لم يسجل فقط، بل كان طوال اللقاء مصدر إزعاج دائم للدفاع السوري، بتحركاته الذكية وقوته البدنية وقراءته الممتازة للمساحات.

طرد متأخر وتأهل مستحق
وفي الدقيقة 90 تعرض المغربي محمد مفيد للطرد بعد تدخل قوي على أنس دهان، لكن ذلك لم يغيّر من واقع المباراة شيئًا، فالمغرب كان قد أحكم قبضته على النتيجة حتى صافرة النهاية.

موعد جديد مع التاريخ
وبهذا الفوز، يضرب أسود الأطلس موعدًا في نصف النهائي، منتظرين الفائز من مباراة الإمارات والجزائر، المقرر إقامتها يوم الجمعة 12 ديسمبر، في مواجهة مرتقبة قد تحمل معها الكثير من الإثارة والوعود الكروية.